الذئب الرهيب

أعلنت شركة كولوسال بيوساينس الأمريكية عن ولادة ثلاثة ذئاب جرى تعديل جيناتها لتعيد إحياء صفات الذئب الرهيب، الذي انقرض قبل 10 آلاف عام.

وجرى استخدام تقنيات رائدة في تسلسل الحمض النووي القديم وهندسة الجينات في هذا المشروع، لتثبيت عشرات التعديلات الجينية الحساسة. وهو ما مثّل أول تجربة ناجحة من نوعها لإعادة إنتاج حيوان فقاري منقرض.

الحمض النووي القديم لـ الذئب الرهيب

جمع العينات الأحفورية

اعتمد الباحثون على أسنان متحجرة يزيد عمرها على 13 ألف عام، إضافة إلى عظمة أذن داخلية مستخرجة من طبقات عمرها 72 ألف عام. ومكنت هذه العينات من الحصول على أجزاء متفرقة من الجينوم الأصلي للذئب الرهيب رغم تدهور الحمض النووي بفعل الزمن.

تسلسل الجينوم وتحليله

استخدمت مختبرات “كولوسال” تقنيات التسلسل عالية الدقة لإعادة بناء الخريطة الجينية للنوع المنقرض. كما تم تحديد نحو 14 جيناً رئيسياً مسؤولة عن صفات أساسية (الحجم، بنية الجمجمة، قوة الفكين، طبيعة الفراء)، جرى نقلها لاحقاً إلى أسلاف الذئب الرمادي الحديث.

آلية التعديل الجيني وإنتاج الأجنة

كما تم استخدام تقنية CRISPR/Cas9 لتعديل خلايا ذرية من ذئاب رمادية حديثة، حيث تم استبدال مقاطع جينية ببعض الشيفرات المستخلصة من الحمض النووي القديم. وبعد التأكد من دقة التعديلات، جرى تخصيب هذه الخلايا المعدلة واستنساخها لإنتاج أجنة تحمل الصفات المستحدثة.

وجرى عقد ثلاث عمليات نقل أجنة منفصلة إلى أمهات بديلة من الكلاب المنزلية، ما مهد لولادة الصغار في وقتين متفرقين بين الخريف والشتاء الماضيين.

ولادة رومولوس وريموس وخاليسي

أسماء مستلهمة من الأساطير

أُطلق على الذئبين الذكور اسما “رومولوس” و“ريموس”، تيمناً بالأشقاء المؤسّسين لروما حسب الأسطورة. كما تم اختيار اسم “خاليسي” للذئبة الأنثى، انطلاقاً من الشخصية الخيالية القوية ذات الجذور التاريخية.

مسار الرعاية البيطرية

جرت ولادات قيصرية مخططة لتقليل المخاطر، أعقبها رعاية طبية دقيقة شملت فحوصات أسبوعية بالموجات فوق الصوتية.

جرى فطم الجراء في عمر ثمانية أسابيع، بعد فترة من الرضاعة الزجاجية المنظمة إثر انسحاب الأمهات البديلات.

بيئة المحمية وسلوك الصغار

تستقر الذئاب الرهيبة الثلاثة في محمية مساحتها 2000 فدان محاطة بسياج ارتفاعه 3 أمتار، وتضم مرافق طبية وصالات اختباء طبيعية. وتعتمد على نظام غذائي يحاكي فرائس العصر الجليدي (لحوم أبقار وخيول وغزلان)، مع تهيئة أماكن تحاكي انحناءات التضاريس وأساليب الصيد الفطرية.

بدأت الصغار مبكراً في إظهار أولى علامات السلوك الذئبي: عواء في عمر أسبوعين، ومطاردة أوراق متساقطة، واحتماء في الزوايا الداكنة عند شعورهم بالخطر.

الذئب الرهيب: تاريخ من القوة والافتراس

عاش هذا المفترس خلال العصر البليستوسيني في الأمريكتين، وتميّز بوزن يصل إلى 60–68 كجم، وأسنان وفكوك مصممة لتمزيق فرائس ضخمة كالماموث والبيسون القديم.

أخفقت التغيرات المناخية الحادة وصيد الإنسان في نهاية ذلك العصر بتجويع هذه الأنواع الضخمة؛ ما أدى إلى انقراض الذئب الرهيب قبل نحو 10 آلاف عام.

جدل علمي وأخلاقي

يجادل بعض العلماء أن ما جرى ليس “إحياءً كاملاً” بقدر ما هو إعادة هندسة جزئية لحمل صفات محددة، بما لا يضمن استعادة السلوكيات الاجتماعية الكاملة أو التأقلم البيئي الأصلي.

ويثار سؤال عن مدى تأثير هذه الذئاب على النظم البيئية الحالية إن أُطلق سراحها في البرية، خصوصاً مع غياب بيئة العصر الجليدي الأصلية وغياب فرائسها التقليدية.

آفاق المستقبل ومسارات البحث

يمهد هذا الإنجاز الطريق لمحاولات مماثلة لإعادة حيوان الماموث الصوفي والكسلان العملاق.

تؤكد كولوسال بيوساينس أنها ستواصل تطوير بروتوكولات الأمان البيولوجي وضوابط القواعد الأخلاقية لضمان توافق مشاريع إعادة الأنواع المنقرضة مع معايير الحماية البيئية.