أعلنت الرئاسة السورية عبر منصة “إكس” عن توقيع اتفاق تاريخي يوم الاثنين يقضي بإدماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن مؤسسات الدولة السورية، في خطوة تهدف إلى تعزيز وحدة الأراضي السورية والتأكيد على رفض أي محاولات للتقسيم.

وأوضحت الرئاسة في بيان لها أن الرئيس أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، وقعا الاتفاق الذي ينص على وقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية، وتوحيد الجهود الوطنية لتحقيق استقرار دائم.

وأفاد البيان بأن الاتفاق شمل بنداً مهماً يتمثل في دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن الإدارة الحكومية، بما يشمل المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، ما يعكس حرص القيادة على تأمين الموارد الحيوية وتوحيد الإدارة في المناطق الحساسة.

كما نص الاتفاق على ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية والمؤسسات الحكومية، استناداً إلى الكفاءة بغض النظر عن الانتماءات الدينية أو العرقية، وهو ما يؤكد التزام الدولة بمبادئ المواطنة الشاملة.

وقد تضمن نص الاتفاق التأكيد على أن المجتمع الكردي مكون أصيل من نسيج الدولة السورية، مما يخول له كامل الحقوق الدستورية والمواطنة دون أي تمييز. كما جاء ضمن البنود وقف إطلاق النار في كافة مناطق البلاد، وإعادة دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن الإدارة المركزية للدولة، وذلك لتوفير إدارة موحدة تشمل حتى المعابر الحدودية والمرافق الحيوية مثل المطار وحقول النفط والغاز.

ومن بين النقاط الأساسية الأخرى التي تضمنها الاتفاق، ضمان عودة جميع المهجرين إلى بلداتهم وقراهم مع تأمين حمايتهم من قبل الدولة، ودعم جهود الدولة في مواجهة ما يُشار إليه بفلول الأسد وكافة التهديدات التي قد تهدد أمن البلاد ووحدتها. كما تم التأكيد على رفض الدعوات التي تدعو للتقسيم وبث خطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين مكونات المجتمع السوري، مع تحديد موعد نهائي لتطبيق الاتفاق عبر اللجان التنفيذية حتى نهاية العام الحالي.

وفي سياق متصل، رحبت دولة قطر بهذا الاتفاق معتبرة إياه خطوة مهمة نحو توطيد السلم الأهلي وتعزيز الأمن والاستقرار في سوريا، بالإضافة إلى بناء دولة قائمة على مؤسسات القانون. وقد أكدت وزارة الخارجية القطرية في بيان لها أن استقرار وازدهار سوريا يتطلب من الدولة احتكار السلاح في جيش موحد يعبر عن كافة مكونات الشعب السوري، مما يضمن الحفاظ على سيادة البلاد واستقلالها وسلامة أراضيها.

وتأتي هذه التطورات في ظل السياق العام الذي شهدت فيه سوريا سلسلة من المبادرات الدبلوماسية الهادفة إلى إنهاء الأزمة وتحقيق السلام الشامل في البلاد، مع استضافتها خلال السنوات الثلاث الماضية لعدد من الاجتماعات الرفيعة المستوى لمناقشة الملفات العالقة.

ما هي قوات سوريا الديمقراطية؟
تُعتبر قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة، أكبر كتلة مسلحة خارج إطار الجيش النظامي السوري، حيث تسيطر على منطقة الجزيرة الغنية بالنفط، والتي تنتج حوالي 100 ألف برميل يومياً، إلى جانب مساهمتها في إنتاج القمح في سوريا. وتشكّل الوحدات الكردية التابعة لهذه القوات، والتي تنقسم إلى جناحي “حماية الشعب” و”حماية المرأة” التابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي (الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني)، العمود الفقري للكتلة، رغم تصنيف العديد من الدول لهذا الحزب ضمن قوائم الإرهاب.

ومع تصاعد الصراع المسلح وتوسع نفوذ تنظيم “داعش”، ظهرت القوات الكردية بدعم أميركي لمواجهة التنظيم المتطرف، وشاركت في العمليات العسكرية ضمن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. وفي عام 2015، تأسست قوات سوريا الديمقراطية بانضمام عدة فصائل من العشائر العربية والمجلس العسكري السرياني، لتصبح فيما بعد قوة مسيطرة على مناطق واسعة من شمالي وشرق سوريا، مع تركيز أولويتها على الحفاظ على مناطق سيطرتها ومنع تقدم فصائل المعارضة نحوها.

يمثل توقيع هذا الاتفاق تحولاً محورياً في المشهد السياسي السوري، إذ يسعى إلى إعادة دمج جميع الأطراف ضمن إطار الدولة الواحدة، مع تأكيد قيادة دمشق على وحدة الشعب والوطن، مما قد يمهد الطريق لمستقبل أكثر استقراراً وسلاماً.