
ناصر الخليفي
في خضم تصاعد التوترات بين قطر وفرنسا، برز اسم ناصر الخليفي، الرئيس التنفيذي لنادي باريس سان جيرمان ورئيس مجموعة بي إن سبورتس، كمركز لأزمة دبلوماسية واقتصادية تهدد بتبعات واسعة. هذه الأزمة، التي بدأت كقضية قضائية، تحولت إلى تهديدات علنية من قطر بسحب استثماراتها من فرنسا.
الاتهامات الموجهة لـ ناصر الخليفي
في 5 فبراير الجاري، وجهت السلطات الفرنسية اتهامات لـ ناصر الخليفي بالتواطؤ في شراء الأصوات وإساءة استخدام السلطة خلال تصويت حاسم في مجلس إدارة مجموعة لاغاردير الإعلامية عام 2018. يُزعم أن الخليفي استغل نفوذه كعضو في جهاز قطر للاستثمار (الصندوق السيادي القطري) لتغيير تصويت الصندوق لصالح مقترحات أرنو لاغاردير، مدعومًا من الملياردير برنار أرنو، بعد أن كان التصويت الأولي لصالح منافسه فينسينت بولوريه .
الخليفي، الذي ينفي هذه الاتهامات جملةً وتفصيلًا، وصف القضية بأنها حملة تشويه وعملية مشوهة تهدف إلى إلصاق التهم به دون أدلة ملموسة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها اتهامات قضائية؛ فقد بُرئ سابقًا في فبراير 2023 من تهم فساد مرتبطة باستضافة قطر لبطولة العالم لألعاب القوى.
رد فعل قطر: تهديدات اقتصادية جادة
ردا على هذه الاتهامات، هددت قطر بسحب استثماراتها من فرنسا، والتي تقدر بنحو 30 مليار دولار، وتشمل حصصًا في نادي باريس سان جيرمان بنسبة 87.5% وشبكة بي إن سبورتس. وفقًا لمصادر قريبة من الحكومة القطرية، فإن الدوحة تشعر بالإحباط من المضايقات القانونية المتكررة ومحاولات الابتزاز، معتبرة أن فرنسا تحملها مسؤولية فشل داخلي في إدارة ملفات الفساد.
في هذا السياق، بدأت قطر بالفعل في تقليص استثماراتها، حيث باعت 12.5% من أسهم باريس سان جيرمان في نهاية 2023 لصالح شركة أمريكية، كجزء من استراتيجية للتركيز على أسواق خارج فرنسا.
تداعيات الأزمة على العلاقات الثنائية
هذه الأزمة تضع العلاقات القطرية-الفرنسية تحت مجهر الاختبار، خاصة في ظل تنافس اقتصادي خليجي متصاعد. فرنسا، التي سعت مؤخرًا إلى تنويع شركائها في الخليج مثل اتفاقية الذكاء الاصطناعي مع الإمارات بقيمة 50 مليار يورو، قد تخسر واحدة من أكبر المستثمرين في قطاعات حيوية كالرياضة والإعلام والعقارات.
من جهة أخرى، تواجه قطر تحديات في الحفاظ على صورتها كشريك استثماري موثوق، لا سيما مع تكرر الاتهامات الموجهة لمسؤوليها. فالقضية لا تقتصر على الخليفي؛ فهناك تحقيقات أخرى تتعلق باحتجاز رجل الأعمال الفرنسي-الجزائري طيب بن عبد الرحمن في قطر عام 2020، والتي ينفي الخليفي تورطه فيها أيضا.
الخلفية القانونية والسياسية
ويواجه القضاء الفرنسي ضغوطا لتحقيق التوازن بين تطبيق القانون وحماية المصالح الاقتصادية. فمحكمة النقض الفرنسية أسقطت سابقًا قضية ضد الخليفي لعدم اختصاصها، مما يثير تساؤلات حول دوافع الاتهامات الجديدة. في المقابل، تؤكد الدوحة أن استثماراتها لا تتدخل في الإدارة اليومية للشركات، وهو ما يضعها في مواجهة مباشرة مع الرواية الفرنسية.