ليه فيديوهات تنظيف البيوت بتجذب الجمهور؟.. أسباب مش هتيجي على بالك

فيديوهات تنظيف البيوت

فيديوهات تنظيف البيوت على السوشيال ميديا تجذب الجمهور بشكل كبير، الأمر الذي يدعو للبحث عن أسباب هذا الأمر، حيث لم تعد منصات التواصل الاجتماعي مجرد فضاء لمشاركة اللحظات السعيدة أو متابعة أخبار المشاهير.

فيديوهات تنظيف البيوت

تحولت السوشيال ميديا إلى ساحة لعرض أدق تفاصيل الحياة اليومية، بما في ذلك المهام التي قد يعتبرها البعض مملة، مثل تنظيف المنزل. تقضي الأمهات، وكثيرون غيرهن، ساعات طويلة في الحفاظ على نظافة وترتيب بيوتهن. لكن ماذا لو تحولت هذه الأعمال الروتينية إلى محتوى جذاب يتابعه الملايين عبر الإنترنت؟ هذا بالضبط ما يحدث مع تنامي ظاهرة مؤثرات التنظيف، أو ما يعرفن أحيانًا بـ “Cleanfluencers”.

إعادة تعريف الروتين اليومي

انتشرت موجة جديدة من المحتوى على منصات مثل تيك توك وإنستجرام. الفكرة بسيطة في ظاهرها نساء، غالبيتهن أمهات، يصورن أنفسهن وهن يقمن بأعمال التنظيف والتنظيم اليومية، من تلميع الأسطح ومسح الأرضيات إلى إعادة ترتيب الفوضى التي يخلفها الأطفال. لكن البساطة الظاهرية تخفي وراءها صناعة محتوى متنامية، حيث تحول هذا الروتين إلى مصدر دخل وشهرة للعديد من المؤثرات.

الأمومة الملهمة والواقعية على الشاشة

كاريس هاردينغ، الأم الشابة البالغة من العمر 27 عاما لثلاثة أطفال من سوانزي في ويلز بالمملكة المتحدة، مثالاً حيًا على هذا النجاح. بأكثر من 100 ألف متابع يترقبون فيديوهاتها بشغف على تيك توك وإنستجرام.

أصبحت كاريس واحدة من الوجوه المعروفة في هذا المجال. لم تتخيل يوما أن مهامها اليومية البسيطة كأم يمكن أن تثير اهتمام هذا العدد الكبير من الناس.

بدأت رحلتها في عالم محتوى التنظيف عام 2022، بعد ولادة طفلها الثاني، كطريقة لإضفاء نوع من النظام على روتينها المسائي. بعد أن يخلد أطفالها للنوم، تخصص كاريس 20 دقيقة لتصوير جولتها في المنزل، تنظف وترتب استعدادًا لليوم التالي. وتقوم لاحقًا بتحرير هذه اللقطات الطويلة إلى مقاطع فيديو قصيرة ومكثفة تشاركها مع متابعيها.

تؤكد كاريس على أهمية الواقعية في محتواها، قائلة: “أحب أن أشارك الأشياء التي يمكن أن تنفع الأمهات؛ لأن الأمومة شيء صعب”. هدفها الأساسي هو تسهيل حياتها، لكنها تأمل أيضًا أن تلهم الآخرين دون أن تسبب لهم الشعور بالنقص.

كما تحذر متابعيها بوضوح: “استلهموا المحتوى، واستخدموه لتحفيز أنفسكم، لكن رجاءً لا تنظروا إلى ما أعرضه من حياتي ثم تنظروا إلى أنفسكم نظرة دونية. وإذا حدث ذلك، فإنني أقول لكم انصرفوا عن متابعتي”.

الشفافية ونصائح توفير الوقت

على خطى كاريس، نجد إميلي جونز 32 عامًا، وهي أم لطفلين من أمانفورد بويلز، يتابعها أكثر من 13 ألف شخص على إنستجرام.

تركز إميلي على تقديم نصائح موفرة للوقت في التنظيف والترتيب، مع التأكيد على الصدق والشفافية التامة. وتشرح كيف تستغل فترات نوم أطفالها القصيرة لإنجاز المهام بسرعة وكفاءة. تؤكد إميلي على استحالة التنظيف طوال اليوم، خاصة مع مسؤوليات الأمومة والمهام الحياتية الأخرى، مقدمةً بذلك صورة واقعية عن تحديات الأمهات العاملات أو المنشغلات.

ساعة تنظيف تجذب ملايين المتابعين

تنتقل ظاهرة محتوى التنظيف إلى مستوى آخر مع رو داي، المؤثرة البارزة التي يتابعها قرابة مليوني شخص عبر مختلف المنصات (إنستجرام، تيك توك، فيسبوك، يوتيوب).

رو داي، البالغة من العمر 30 عامًا من هارتفوردشير بإنجلترا، اشتهرت بمقاطع فيديو “ساعة تنظيف على السريع” (Speed Clean Hour).

في هذه المقاطع، تحدد لنفسها مؤقتًا وتحاول إنجاز أكبر قدر ممكن من مهام التنظيف خلال 60 دقيقة فقط. تقول: “أفضل قضاء أقل وقت ممكن في أعمال التنظيف، وأشعر أن الناس أيضًا يفضلون ذلك”.

تلاحظ رو داي أن المجال لا يزال يغلب عليه العنصر النسائي، لكنها تشير إلى تزايد ملحوظ في عدد الرجال الذين يشاركون محتوى مماثلاً. تعلق قائلة: “لا أظن أنه من التمكين في شيء أن أقوم بكل أعمال التنظيف وحدي.. لا ينبغي أن يقتصر الأمر على الإناث فقط”. بل إنها تستمتع بمشاهدة مقاطع الفيديو التي ينشرها الرجال وهم يقومون بمهام الترتيب والتنظيف.

لماذا نشاهد الآخرين ينظفون منازلهم؟

قد يبدو الأمر غريباً للوهلة الأولى، لماذا يهتم الناس بمشاهدة شخص آخر يقوم بمسح الأرضيات أو ترتيب الخزائن؟

الجانب النفسي: ترى الدكتورة سيري برادشو، الباحثة في علم النفس بجامعة سوانزي، أن جاذبية هذه الفيديوهات تكمن في الشعور بالإنجاز السريع والمُرضي الذي يحصل عليه المشاهد بشكل غير مباشر. مشاهدة الفوضى تتحول إلى نظام في دقائق معدودة (بفضل المونتاج) يمكن أن يكون مريحا للبال ومهدئا. ومع ذلك، تحذر برادشو من أن هذه المقاطع المختصرة قد تخلق توقعات غير واقعية حول الوقت والجهد اللازمين للتنظيف، ما قد يؤدي إلى شعور المشاهدين بالتقصير أو الدونية مقارنة بما يرونه على الشاشة.
الجانب الاجتماعي: تشير الدكتورة ستيفاني بيكر، الباحثة في علم الاجتماع بجامعة سانت جورج بلندن، إلى أن أعمال التنظيف كانت تاريخيًا من المهام المنزلية غير مدفوعة الأجر التي تقوم بها النساء بشكل أساسي. وترى أن تحويل هذه المهام إلى محتوى رقمي قابل للتسييل المادي يمثل شكلاً من أشكال التمكين، حيث تستطيع المرأة الآن التكسب ماديًا من شيء لطالما كانت تقدمه بلا مقابل.