العالم يدرس الرد على الرسوم الجمركية الأمريكية.. الحروب التجارية لا ينتصر فيها أحد

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

أعلن المسؤولون في الاتحاد الأوروبي اليوم، عن توقعاتهم بحدوث ضربة قوية للاقتصاد العالمي عقب تطبيق الرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات كافة، في ظل تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرد بقوة إذا فشلت المفاوضات مع واشنطن في هذا الشأن.

الرسوم الجمركية الأمريكية

وفي هذا السياق، يسعى عدد من عواصم أوروبا إلى فتح حوار مباشر مع الرئيس الأمريكي لتفادي اندلاع حرب تجارية جديدة، بينما عبرت الصين عن استيائها من ما وصفته بـ”التنمر الأمريكي” و”الإجراءات الأحادية”، متوعدة باتخاذ تدابير حازمة لحماية حقوقها ومصالحها.

في خطوة مثيرة للجدل، فرض ترمب رسوماً جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات، مع فرض نسب أعلى على بعض من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.

وقد وصف ترمب هذا القرار بـ”يوم التحرير في أمريكا”، مؤكداً أن الرسوم الجديدة تأتي ضمن سياق إعادة إطلاق الصناعة الأمريكية، إذ اعتبرها خطوة لإحياء الإنتاج المحلي بعد ما وصفه بسرقة الثروات الوطنية على مدى سنوات طويلة.

وتم استهداف عشرات الدول برسوم جمركية متفاوتة؛ إذ فرضت الرسوم نسباً تصل إلى 34% على الواردات من الصين، و20% على الاتحاد الأوروبي، و46% على فيتنام، و32% على تايوان، فيما بلغت نسب الرسوم على الواردات من اليابان 24%، ومن بريطانيا 10%، ومن كوريا الجنوبية 25%.

وفي حديثه مع شبكة Fox News، دعا وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، الدول الأخرى إلى تجنب الرد بالمثل، محذرا من أن مثل هذا التصعيد سيؤدي إلى تصعيد أكبر في النزاعات التجارية، مشيراً إلى ضرورة اتخاذ خطوة حذرة وانتظار تطورات المفاوضات التي قد تضع حدا لهذه الرسوم إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.

وتأثرت الأسواق المالية العالمية بهذا الإعلان بشكل حاد، إذ شهدت الأسهم الأوروبية انخفاضاً ملحوظاً وصلت إلى أدنى مستوياتها خلال شهرين، وخاصة السوق الألمانية التي تأثرت بشكل أكبر نظراً لحساسيتها للتغيرات التجارية، بينما سجلت أسواق آسيا موجة بيع واسعة النطاق.

ردود الفعل الدولية

الاتحاد الأوروبي:

صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأن الرسوم الجديدة تُشكّل ضربة كبرى للاقتصاد العالمي، محذرة من العواقب الوخيمة التي ستطال ملايين الناس، حيث أضافت بأن جميع الشركات ستعاني من هذه الإجراءات.

وأكدت فون دير لاين على استعداد الاتحاد الأوروبي للرد بإجراءات إضافية لحماية مصالحه إذا ما فشلت المفاوضات مع الولايات المتحدة، مع الإشارة إلى أن أوروبا تواصل التفاوض مع واشنطن في إطار الحوار الاستراتيجي الذي يشمل قطاعات الصلب والسيارات والرعاية الصحية.

الصين:

من جانبها، أعلنت الصين أنها ستتخذ تدابير مضادة بحزم في مواجهة الرسوم الأمريكية التي تبلغ نسبتها 54% على كافة الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وذكر متحدث باسم وزارة التجارة الصينية بأن هذه الرسوم تتجاهل الأسس التي تم التوصل إليها في المفاوضات التجارية متعددة الأطراف خلال السنوات الماضية، كما نفى أن تكون في مصلحة الاقتصاد الأمريكي على المدى الطويل، داعيا المتحدث الأمريكي إلى إلغاء الإجراءات الأحادية، مؤكداً أن الحروب التجارية لا ينتصر فيها أحد.

ألمانيا وفرنسا وبريطانيا:

وفي أوروبا، عبّر وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك عن أن الرسوم ستترجم إلى يوم التضخم بالنسبة للمستهلك الأمريكي، لكنه أشار إلى أن هناك مجالاً للتفاوض قبل أن تصل الأمور إلى مرحلة التصعيد، مع ضرورة رد فعل موحد من جانب الاتحاد الأوروبي.

وفي فرنسا، أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيجتمع مع ممثلي القطاعات المتضررة من هذه الرسوم، في حين تعهد وزير الأعمال البريطاني جوناثان رينولدز بالتعامل بهدوء، معتبراً أن الولايات المتحدة تبقى الحليف الأقرب لبريطانيا، وأن الحوار الاقتصادي هو السبيل لتخفيف الآثار السلبية.

دول أخرى:

أكدت كل من السويد وسويسرا وأيرلندا وإيطاليا وإسبانيا ضرورة العودة إلى مسار التجارة الحرة، حيث اعتبر المسؤولون في تلك الدول أن الحواجز التجارية لن تؤدي إلا إلى إضعاف النمو الاقتصادي العالمي.

وفي اليابان، أكد مسؤولون أن البلاد ستبدأ مفاوضات جادة مع الولايات المتحدة للتوصل إلى حلول تُخفف من تأثير الرسوم، فيما وصف وزير الاقتصاد الياباني يوجي موتو أن الرسوم بنسبة 24% “مؤسفة للغاية”، مضيفاً أنه سيتم مطالبة واشنطن بإعفاء اليابان من هذه الإجراءات.

كما واصلت تايوان رفضها لما وصفته بـ”رسوم غير منطقية”، معبّرة عن نيتها مناقشة الأمر مع واشنطن.

وفي كوريا الجنوبية، وصف الرئيس المؤقت هان دك سو الوضع بأنه خطير للغاية، مؤكداً على ضرورة تحليل التفاصيل والتفاوض مع الولايات المتحدة لتقليل الأضرار التي قد تنتج من الرسوم متبادلة بنسبة 25% على الواردات من كوريا الجنوبية.

أستراليا وردود فعل صناعية:

أشار وزير الخزانة الأسترالي جيم تشالمرز إلى أن أستراليا تتمتع بمرونة خاصة تتيح لها تجاوز تأثير الرسوم الجديدة، معرباً عن استعداد بلاده لدعم قطاعاتها الصناعية وتعزيز مرونة الاقتصاد الوطني.

تأثير سلبي على النمو العالمي

وأخيراً، لفتت جمعية صناعة السيارات الألمانية (VDA) إلى أن الرسوم الجمركية الواسعة ستؤثر سلباً على النمو العالمي والوظائف، ما يدعو أوروبا إلى السعي نحو إبرام اتفاقيات تجارة حرة جديدة تضمن استقرار العلاقات الاقتصادية الدولية، مؤكدةً أن سياسة “أميركا وحدها” لن تحقق أي منافع مشتركة.