نظام سويفت

في جولة جديدة من المفاوضات في السعودية، أعلنت الولايات المتحدة أن كلًا من روسيا وأوكرانيا قد تعهدتا بتطبيق وقف جزئي لإطلاق النار على منشآت الطاقة، ما يمثل خطوة محدودة إيجابيّة في العملية الدبلوماسية الجارية رغم أن هذه الخطوة لم ترتقِ إلى مستوى التطلعات والوعود التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الصراع بشكل نهائي.

ضمان أمان الملاحة البحرية

كما تم التوافق على ضرورة ضمان الملاحة البحرية الآمنة والحد من استخدام القوة، بالإضافة إلى منع تحويل السفن التجارية إلى أغراض عسكرية في منطقة البحر الأسود.

من جهتها، طرحت موسكو سلسلة من الشروط والمطالب التي يجب تلبيتها قبل تفعيل ما يُعرف بـ”مبادرة البحر الأسود”. ومن بين هذه المطالب رفع القيود والعقوبات المفروضة على صادرات الأسمدة والمواد الغذائية الروسية، شاملاً الآلات الزراعية والتأمين على الشحنات.

وتطالب موسكو كذلك بإعادة ربط البنك الزراعي الروسي “روسلخوزبانك” وبقية المؤسسات المالية ذات الصلة بالتجارة الزراعية بنظام سويفت الدولي.

إبعاد البنوك الروسية عن نظام سويفت

وفي هذا السياق، ساهمت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن في قيادة الجهود لإبعاد بعض أكبر البنوك الروسية عن نظام سويفت، النظام الدولي الذي يُمكن المؤسسات المالية حول العالم من تبادل معلومات المعاملات، وذلك بعد اندلاع الغزو لأوكرانيا في أوائل عام 2022.

وأوضح الدكتور رامي القليوبي من كلية موسكو العليا في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، أن روسيا لم تُستبعد بالكامل من نظام سويفت، إلا أن عودتها الكاملة تتطلب توافقاً أمريكيًا وأوروبيًا غير متوفر حالياً.

وأضاف: “لا أتوقع عودة روسيا بصورة كاملة في المستقبل القريب”، بينما قد يُطرح خيار العودة الجزئية عبر بعض البنوك المحددة، مثل البنك الزراعي الروسي، ضمن صفقة حبوب مرتقبة بين موسكو وواشنطن.

وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي لن يتساهل في تطبيق عقوباته، بل سيظل الطرف الأكثر تشددًا حيال موسكو، في الوقت الذي بدأت فيه الولايات المتحدة بتلطيف لهجتها وإظهار مؤشرات على تطبيع العلاقات مع موسكو.

دعم أوروبي للقرار

ولم يستبعد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت إمكانية عودة بعض البنوك الروسية إلى نظام سويفت أثناء استمرار المفاوضات لإنهاء الحرب، رغم أن تقريراً لـ”بوليتكو” يشير إلى ضرورة دعم أوروبي لهذا القرار.

وفي تصريحات لـ”فوكس نيوز”، أكد بيسنت أن النقاشات ستطول حول كيفية إعادة روسيا إلى النظام الدولي، مشيرًا إلى أن مناقشة شروط الاتفاق يجب أن تؤجل حتى يتم التوصل إلى اتفاق شامل.

وأضاف: “كل شيء وارد”، مؤكدًا أن جزءًا من جهود وزارة الخزانة في مجال الأمن القومي يتمثل في استخدام العقوبات المالية على الأفراد والبنوك والدول.

وفي سياق متصل، أفادت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية، أنيتا هيبر، كما نقلتها صحيفة “بوليتكو”، بأن إنهاء الحرب على أوكرانيا وسحب القوات الروسية بشكل غير مشروط من كامل الأراضي الأوكرانية يُعد شرطًا أساسيًا لتعديل العقوبات أو رفعها.

من جانبه، أوضح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أنه سيتم دعوة المسؤولين الأوروبيين الذين يشعرون بالاستبعاد من المفاوضات إلى طاولة الحوار في الوقت المناسب لمناقشة مستقبل العقوبات.

وأشار الكاتب والمحلل الروسي ديمتري بريجع إلى أن الحديث عن إمكانية عودة روسيا إلى نظام “سويفت” وتخفيف العقوبات الأوروبية يعكس تحولاً في الخطاب الغربي، ويؤكد اعتراف الخصوم بأن موسكو تظل مفتاحًا أساسيًا للاستقرار الغذائي والمالي العالمي، ما يجعلها عنصراً لا يمكن تجاهله في المعادلة الدولية.

وأكد بريجع أن المرحلة المقبلة لن تكون مجرد مسألة رفع العقوبات أو إعادة ربط الأنظمة المالية، بل مرحلة رسم توازنات جديدة تُحدد معالم النظام العالمي القادم، مُشيراً إلى أن أي تنازل غربي في هذا السياق يُبرهن على حقيقة لا مفر منها: روسيا دولة لا تُعزل ولا تُهمّش.

ما هو نظام سويفت؟

يجدر الإشارة إلى أن نظام “سويفت”، الذي تأسس عام 1973، يربط اليوم أكثر من 11 ألف مؤسسة في أكثر من 200 دولة، ويرسل حوالي 50 مليون رسالة مالية يوميا، وكان النظام آنذاك مجهولاً لدى الكثيرين حتى اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، حين بدأت الحكومة الأوكرانية بدعوة طرد البنوك الروسية من النظام للحد من قدرة موسكو على تمويل آليات الصراع.

وفي 2 مارس 2022، قرر الاتحاد الأوروبي طرد 7 بنوك روسية من نظام “سويفت”، خطوة حظيت بتغطية إعلامية واسعة باعتبارها كسراً للمحظورات. وبعدها، وفي يونيو من نفس العام، وافق الاتحاد الأوروبي على إلغاء النظام لـ3 بنوك أخرى هي: “سبيربنك” – الأكبر في روسيا –، وبنك الائتمان في موسكو، و”روسلخوزبانك”، حيث فسّرت المفوضية الأوروبية ذلك بأن هذه المؤسسات تُعتبر من الركائز الأساسية للنظام المالي الروسي وقدرة بوتين على مواصلة الحرب.

وأكد تقرير لـ”يورونيوز” أن هذه الإجراءات ساهمت في ترسيخ عزلة القطاع المالي الروسي عن النظام المالي الدولي.