
الحرب بين إسرائيل وإيران - صورة توضيحية
منذ اندلاع أولى شرارات الصراع المباشر بين إسرائيل وإيران، والعالم يقف على حافة هاوية سياسية وعسكرية جديدة. تبادل الضربات، التصريحات النارية، واستعراضات القوة في الجو والبحر، كلّها تشير إلى أننا أمام لحظة تاريخية فارقة، لكن السؤال الأهم هو: كيف سينتهي هذا الصراع؟ وهل نحن على أعتاب تسوية أم على أبواب كارثة إقليمية؟
الاحتمال الأول: تسوية مؤقتة بضغوط دولية
لا يمكن تجاهل الحضور القوي للمجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة وروسيا والصين، في هذه المعادلة. هذه القوى لن تسمح بانفجار شامل في الشرق الأوسط، لسبب بسيط: مصالحها الاقتصادية والأمنية باتت مترابطة بهذه المنطقة أكثر من أي وقت مضى.
قد نشهد خلال الأسابيع القادمة تدخلاً دبلوماسيًا مكثفًا لإعادة الصراع إلى مستواه “غير المباشر”، كما كان لسنوات — عبر الوكلاء وليس عبر ضربات بين دولتين. هذا السيناريو مرجّح لأنه يُرضي الطرفين: يرفع إيران أمام جمهورها كقوة صامدة، ويسمح لإسرائيل بتحقيق نصر رمزي دون غرق في مستنقع ممتد.
الاحتمال الثاني: حرب إقليمية متعددة الجبهات
الاحتمال الأخطر — وإن كان أقل واقعية على المدى القريب — يتمثل في تحوّل الصراع إلى حرب إقليمية شاملة، بمشاركة حزب الله في لبنان، الحوثيين في اليمن، وربما الميليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق. هذا السيناريو يحمل كلفة عالية لإسرائيل، لكنه أيضًا يحمل كارثة حقيقية على الاقتصادات الخليجية، ويدفع أسواق النفط إلى مستويات غير مسبوقة.
في هذا السياق، ستدخل الولايات المتحدة عسكريًا من باب “حماية أمن الخليج”، لكن هذه المرة قد تكون فاتورة التدخل أكبر من قدرة واشنطن على دفعها في ظل الانقسامات الداخلية والتزاماتها في أوكرانيا وآسيا.
الاحتمال الثالث: صفقة كبرى وإعادة رسم التوازنات
ربما يحمل هذا الصراع في طياته فرصة نادرة لما يُعرف بـ”الصفقة الكبرى” — صفقة يُعاد فيها رسم خرائط النفوذ في الشرق الأوسط، بوساطة أميركية روسية، ورضا إيراني مشروط. قد يتضمن ذلك تهدئة مع الخليج، ضمانات نووية، وتفكيك بعض جبهات التوتر مقابل رفع عقوبات أو مكاسب اقتصادية لإيران.
لكن هذا السيناريو يحتاج إلى شخصيات جريئة من الطرفين مستعدة لدفع ثمن سياسي داخلي، وهو أمر غير مضمون، خاصة في ظل تصاعد الخطاب القومي والديني.
لا انتصار حاسم في الأفق
في النهاية، يبدو أن الانتصار الكامل خارج حسابات الطرفين. إيران تعلم أن المواجهة المباشرة مع إسرائيل ستجلب دمارًا كبيرًا، كما أن إسرائيل تدرك أن استنزاف إيران لن يكون سهلًا في ظل شبكة الحلفاء الممتدة من بغداد إلى بيروت.
الأرجح أن الصراع سينتقل إلى مرحلة “الهدنة المسلحة” — لا حرب ولا سلام — مع استمرار الضربات المحدودة والتجاذبات السياسية. لكنه صراع سيظل مشتعلاً تحت الرماد، يتحيّن لحظة ضعف هنا أو زلة دبلوماسية هناك ليشتعل من جديد.
اقرأ أيضا:
الحرب بين إيران وإسرائيل.. انعكاسات عميقة على الاقتصاد العالمي والأسواق المالية
إيران توجه بيانا شديد اللهجة للإسرائيليين: غادروا بلادكم فورا
ترامب: سنرد بقوة لم يشهدها العالم حال تعرضنا لأي هجوم من إيران