
المتحف المصري الكبير
يعد المتحف المصري الكبير صرحًا معماريًا يتجاوز كونه مجرد مبنى عرض للآثار؛ إذ يرتكز تصميمه على فلسفة عميقة مستمدة من عقيدة الخلق في مصر القديمة. يكشف هذا المفهوم عن رؤية لم تأتِ وليدة الصدفة، بل هي تجسيد لمفهوم نشأة الكون كما تصوره المصري القديم.
المثلث في المتحف المصري الكبير
أكد مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، أن التصميم المعماري للمتحف انطلق من رؤية فلسفية مستوحاة من أسطورة الخلق. فالمصريون القدماء آمنوا بأن الكون بدأ من المياه الأزلية، والتي انبثقت منها “التلة المقدسة”.
واستلهم المعماريون هذه الفكرة لتصميم المتحف، حيث يستقر التمثال الرئيسي للمتحف فوق قاعدة ذات شكل مثلث، تتوسط بحيرة صغيرة، وهو تمثيل رمزي دقيق لفكرة الخلق الأولى في العقيدة الفرعونية.

وأوضح “شاكر” أن هذا التصميم لا يهدف فقط إلى تحقيق تناغم بصري أو قيمة جمالية، بل يمثل فلسفة متكاملة تعبر عن العمق الفكري للمصري القديم وعلاقته بالكون، والطبيعة، والمقدس.
القاعات تحاكي حياة المصري القديم
لم تقتصر الفلسفة التصميمية على الشكل الخارجي فحسب، بل امتدت لتشمل التنظيم الداخلي للمتحف. جرى ترتيب القاعات الداخلية بدقة وعناية فائقة لتعكس حياة المصري القديم في جوانبها الدنيوية والروحية (الآخرة).
تتوزع القطع الأثرية داخل المتحف وفق سياق حياتي وروحاني متكامل، يشمل مجموعة متنوعة من المعروضات:
- أدوات الحياة اليومية والمعيشة.
- الملابس والمقتنيات الشخصية.
- العربات الحربية والأسلحة.
- خنجر نادر من الحديد يعتقد الباحثون أنه قادم من نيازك سماوية، ما يبرهن على إدراك المصريين القدماء بخصائص المعادن النادرة.
إبهار تقني وتفوق في الصناعات القديمة
أشار كبير الأثريين إلى أن المتاحف المصرية، بما تحتويه من كنوز، لا تزال مصدر إبهار مستمر لعلماء العالم، لما تكشفه من مستوى عالٍ من التقدم التقني الذي وصل إليه المصري القديم، خاصةً في مجالات الصناعة، التعامل مع المعادن، وصناعة العطور.
وقد حاولت بعض المتاحف الأوروبية مؤخراً إعادة إنتاج أوانٍ مصرية قديمة اكتُشفت حديثاً، لكن النتائج جاءت لتؤكد الدقة والتفوق العلمي والفني الذي تميز به المصريون القدماء، على الرغم من مرور آلاف السنين.

يأتي هذا الكشف الفلسفي بالتزامن مع استمرار وزارة السياحة والآثار في وضع اللمسات النهائية والاستعدادات المكثفة لـ افتتاح المتحف المصري الكبير المرتقب.
وقد تم مؤخراً نقل آخر القطع الأثرية من قاعة الملك توت عنخ آمون في المتحف المصري بالتحرير إلى مقرها الجديد في الجيزة، في خطوة تمثل مرحلة حاسمة لاستكمال هذا المشروع الأثري والتحفة المعمارية الأضخم في تاريخ مصر الحديث.





